ستظن اني امزح معك، اذا قلت لك: ساجلسك على الكرسي، بحيث لا تستطيع النهوض بعد ذلك، علما بانني لن اربطك اليه.
حسنا، اجلس بصورة معتدلة دون ان تدفع قدميك تحت الكرسي. والان حاول ان تنهض، مع المحافظة على وضع القدمين وعدم الانحناء الى الامام. انك لن تستطيع النهوض مهما بذلت من قوة عضلية، ما لم تدفع قدميك الى تحت الكرسي، او تحني جدعك الى الامام.
ولكي تدرك سبب ذلك، دعني احدثك بعض الشيء عن توازن الاجسام بصورة عامة، وتوازن جسم الانسان بصورة خاصة. ان الجسم المنتصب لا ينقلب على الارض بتاتا، اذا الخط العمودي النازل من مركز ثقله، مارا بقاعدته.
ان برجي بيزا وبولون المائلين، او حتى الجرس المائل، في مدينة ارخانجلسك السوفييتية لا تنقلب بالرغم من ميلانها، لنفس السبب ايضا. وهو عدم خروج الخط العمودي النازل من مركز ثقلها، عن حدود القاعدة، وهناك سبب آخر ثانوي، هو عمق اسس تلك الابراج.
والشخص الواقف، لا يقع على الارض الى ان يخرج الخط العمودي النازل من مركز ثقله، عن المساحة المحاطة بالحافات الخارجية لقدميه. لذلك، فمن الصعب الوقوف على قدم واحدة، ومن الاصعب كثيرا، الوقوف على الحبل لان القاعدة تكون صغيرة جدا، ويمكن بسهولة ان يخرج الخط العمودي عن حدودها. هل لاحظت المشية الغريبة "لذئاب البحر" المتقدمة في العمر؟ ان البحارة، وهم يقضون حياتهم على ظهر سفينة متارجحة، حيث يتعرض الخط العمودي النازل من مركز ثقل الجسم، في كل لحظة، للخروج عن الفسحة التي تشغلها القدمان، يتعودون على السير، بحيث تشغل قاعدة الجسم (اي الساقان المتباعدان)، اكبر فسحة ممكنة. وهذا يساعد البحارة على الوقوف بثبات على السطح المتارجح. ومن الطبيعي ان يحتفظ البحارة بهذه العادة، حتى عندما يسيرون على اليابسة. ويمكن كذلك، ان ناتي بمثال عكسي، هو انه تنجم عن الضرورة محافظة الانسان على توازنه، وضعية جميلة. هل لفت نظرك، ذلك المنظر الغريب، للشخص الذي يحمل على رأسه حملا؟ عندما يحمل الشخص حملا على راسه، يضطر الى نصب راسه وقامته، لان اقل انحراف، يهدد بخروج مركز الثقل (الذي يكون في هذه الحالة اكثر ارتفاعا، مما هو عليه في الوضع الطبيعي) عن محيط القاعدة، وعندئذ سيختل توازن الجسم.
والآن نعود الى تجربة نهوض الشخص الجالس. ان مركز ثقل الشخص الجالس يقع داخل الجسم، قرب العمود الفقري، على ارتفاع 20 سم عن مستوى السرة. نرسم من هذه النقطة خطا عموديا الى الاسفل، فنرى ان هذا الخط يمر بين القدمين.