اصل الانواع | او نشأة الانواع الحيّة عن طريق الانتقاء الطبيعي
تشارلز داروين
كتاب آخر أحدث صخبًا لم يتوقف .. إن أبحاث داروين في جزر (جالاباجوس) جعلته يصل لنظرية التطور والارتقاء وهي نظرية معقدة مفادها أن جميع الكائنات الحيّة تطوّرت من نفس الخليّة الأحادية النواة.. لكنه تلقى هجومًا شديدًا وإهانات لا بأس بها . وهنا يلعب (هكسلي) مع (داروين) ذات الدور الذي لعبه (هالي) مع (نيوتن).. إنه الخطيب المفوه حاضر الحجة الذي يدافع عنه وسط المحافلصل الأنواع كتاب من تأليف داروين صدر عام 1859 يعتبر أحد الأعمال المؤثرة في العلم الحديث وإحدى ركائز علم الأحياء التطوري. اعتبرت نظرية داروين، بتلاوينها المختلفة، من احجار الزاوية في العقلانية الاوروبية. لم يتردد توماس كون، في كتابه «بنية الثورات العلمية» (جامعة شيكاغو - 1962) في اعتبار ما فعله داروين أنموذجاً لما تكونه الثورة العلمية، بمعنى انها النظرية العلمية التي لا تبقى مجرد تطور تقني، بل يبلغ من قوتها وجرأتها ان تضع منهجاً جديداً في التفكير، بحيث تغيّر جذرياً من المفاهيم الاساسية، وكذلك طرق التفكير، التي سبقتها. ووضعها على قدم المساواة مع الثورة التي احدثتها نظريات السير اسحاق نيوتن، عند نشره كتاب «المبادئ الاساسية للفلسفة الطبيعية»، والتي وضعت حداً لسيطرة مقولات الفيلسوف الفرنسي رينيه ديكارت وثنائياتها.
وفي العام 1996، اعتبر عالم الاناسة الاميركي فرانك سولووي ان داروين يفوق اهمية ألبرت اينشتاين, وان نظرية الاول عن علاقة الانسان مع الطبيعة احدثت هزة في عمق نظرة الانسان الى هويته، وطريقة تفكيره في الطبيعة والكون، فيما انحصر الاثر الاساسي لنظرية النسبية، التي وضعها اينشتاين، في المجال العلمي، ولم تغيّر في عمق نظرة الانسان لهويته الكونية. وقارن اثر نظرية داروين وجرأتها، بالاثر الذي احدثته المقولات الجريئة لعالم الفلك كوبرنيكوس (الارض تدور حول الشمس وحول نفسها)، التي اطاحت بصورة نهائية فلسفة ارسطو ونظرياته عن الطبيعة والكون، وتقاطعت مع الانشقاق الذي قاده القس مارتن لوثر عن الكنيسة الكاثوليكية وباباواتها!